لحكامة الرشيدة ومكافحة الفساد: رهان وطني ومقاربة مؤسسية / بقلم : عيسى اليدالي

اثنين, 20/10/2025 - 09:35

 الفساد الجنائي، وهو ما تبنته الحكومة في تعاملها مع نتائج التقرير. فقد أسست تدخلها على الأساس القانوني البحت، ملتزمة بالتكييفات التي حددتها المحكمة، ومتبنية إجراءات تصحيحية فورية حيث وُجد خلل في التسيير دون تجاوز لصلاحيات المؤسسات المختصة. وهو ما عبر عنه معالي الوزير الاول المختار ولد اجاي في لقائه بمسؤولي القطاعات الحكومية والهيئات التي شملها تقرير محكمة الحسابات 2022-2023.

 

إن هذه المقاربة تعكس التوجه الاستراتيجي الصارم للدولة في مكافحة الفساد، المبني على سيادة القانون واحترام المؤسسات، وعلى قناعة راسخة بأن الإصلاح الحقيقي لا يتحقق إلا في ظل منظومة مؤسسية متماسكة تعمل بمعايير الشفافية والإنصاف.

ويُسجَّل لهذا العهد أنه شهد إطلاق أول استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الفساد، تم إعدادها في إطار تشاوري واسع ضم مختلف القطاعات الحكومية والهيئات الرقابية والمجتمع المدني والشركاء الفنيين والماليين. وقد جاءت هذه الاستراتيجية لتُحوّل مكافحة الفساد من مجرّد شعارات ظرفية إلى سياسة عمومية قائمة على التخطيط والتقويم والمتابعة، محددةً الأهداف والمحاور والآليات بوضوح، ومؤطرةً بجداول زمنية ومؤشرات قياس دقيقة.

 

وتمثل هذه الاستراتيجية تتويجًا لرؤية فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، الرامية إلى ترسيخ ثقافة النزاهة في المرفق العمومي، وبناء إدارة حديثة تقوم على الكفاءة والشفافية والنجاعة. كما تؤكد أن الدولة لم تعد تتعامل مع الفساد كرد فعل، بل كظاهرة مؤسسية تُواجه بأدوات مؤسسية، في إطار نهج وطني شامل يزاوج بين الردع القانوني والوقاية المسبقة وبناء الضمير المهني.

 

إن النجاح في هذا المسار يتطلب انخراطًا وطنيًا واسعًا، وتفاعلًا إيجابيًا من كل القوى الحية والفاعلين في المجتمع. فمكافحة الفساد ليست مجرد حملة ظرفية، بل مسار وطني جامع، ومسؤولية جماعية تتطلب من الجميع المساندة والوعي بأن النزاهة ليست خيارًا إداريًا، بل قيمة وطنية ومشروعًا حضاريًا.

احمد عيسى اليدالي