أكد رئيس الجمعية الوطنية السيد محمد بمب مكت، أن دور المؤسسة التشريعية لا يتوقف على سن القوانين ونقاش القضايا العمومية، وإنما بالدرجة الأولى تعزيز اللحمة الاجتماعية وتقوية أواصر الوحدة الوطنية بين كل أبناء وشرائح المجتمع الموريتاني.
وأضاف في خطاب ألقاه اليوم الاثنين بعيد انتخابه رئيسا للجمعية الوطنية، أن الشعب الموريتاني يتوق إلى أن تطرح مطالبه وتناقش همومه وتحمل تطلعاته، مبرزا أن البرلمان يشكل المنبر الطبيعي والجامع والمحاط بالحصانة والامتيازات اللازمة لنقاش القضايا الوطنية الكبرى ولنشر آراء الطيف السياسي لإيصال الرأي والرأي الآخر للشعب الذي هو مصدر السلطة.
وفيما يلي نص الخطاب:
” بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله
السادة والسيدات النواب الموقرين،
أيها الحضور الكرام،
أود في البداية أن أتقدم لكم بتشكراتي الخالصة على انتخابكم لي على رأس الجمعية الوطنية الموقرة مصحوبة بالتهنئة لكم على الثقة التي منحكم الشعب الموريتاني في الاستحقاقات التي أجريت في ظل الاتفاق السياسي الشامل الموقع بين الأحزاب والحكومة.
السادة والسيدات النواب الموقرين،
إن دوركم الهام في هذه المؤسسة التشريعية الجامعة اليوم لمختلف ألوان الطيف السياسي الوطني، لا يتوقف فقط على سن القوانين ونقاش القضايا العمومية، سبيلا إلى إنارة الرأي العام الوطني حول هموم الحاضر والمستقبل، وإنما هو كذلك بالدرجة الأولى تعزيز اللحمة الاجتماعية في بلدنا، وتقوية أواصر الوحدة الوطنية بين كل أبناء وشرائح المجتمع الموريتاني، فأنتم كمنتخبين نالوا ثقة الشعب هم حراس هذه اللحمة الاجتماعية والأمناء الأوائل عليها قولا وفعلا باعتبارها صمام الأمان لأداء كل مؤسساتنا الدستورية، والروح الحقيقية المحفزة لمسارنا الديمقراطي نحو آفاق واسعة من الحرية والرفاه والتنمية الشاملة.
إنه لا مناص من استحضار هذه المسؤولية الجسيمة في ضمير كل واحد منا اليوم، في وجه كل دعوات مغرضة تريد أن تحرق سفينة هذا الوطن، فنحن جميعا على متنها ولن نترك لأي جهة أن تزرع بذور التفرقة والفتنة في بلادنا، ما دمنا معتصمين أولا بحبل الله ورسوله، مستمسكين بعرى الأخوة والوحدة، على أديم هذه الأرض الطيبة التي تسقى بماء واحد ألا وهو سماحة الإسلام، المصدر الوحيد للتشريع ودين الشعب والدولة والذي يوحدنا بلا استثناء، بوصلتنا في الدنيا والآخرة ورمز هويتنا وانتمائنا المشترك وأساس التعايش والتضامن بين كل الموريتانيين باختلاف ألسنتهم وألوانهم، تدب في أرواحهم جميعا محبة هذه الربوع، وترفرف فوق هاماتهم راية وطن أراد له الله أن يكون آمنا مطمئنا عزيز الجناب اسمه الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
السادة والسيدات النواب الموقرين،
لقد حدد دستورنا دور البرلمان وكرس مبدأ فصل السلطات ويرجع الفضل لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في احترام ذلك المبدأ قولا وممارسة. فالتزم فى برنامجه “تعهداتي” تحت باب خلق “مناخ سياسي هادئ ومؤسسات قوية” بتنشيط وتعزيز وترشيد عمل مؤسسات الجمهورية وتعهد بما يلي: “وفي هذا الإطار ستوفر مقرات حديثة للجمعية الوطنية والمجلس الدستوري وستزود الجمعية الوطنية بإدارة تقنية من ذوي الكفاءات مستشارين ومساعدين برلمانيين تساعد النواب على ممارسة المهام الموكلة إليهم، لا سيما فيما يتعلق بإسهامهم في تحسين جودة القوانين ووجاهتها، فضلا عن النقاشات داخل قبة البرلمان.
وعندئذ، سيكون بمقدور ممثلي الشعب أن يمارسوا بشكل كامل دورهم الرقابي على نشاط الحكومة، عن طريق تنشيط دور الفرق البرلمانية” انتهى الاستشهاد.. وها نحن اليوم في رحاب قصر للبرلمان يرقى إلى مستوى المهام الموكلة إلينا ويتيح مجالا مريحا لمزاولة نشاطنا وسنعزز بعون الله القدرات البشرية بالخبرة المناسبة سبيلا إلى تأطير النقاش والمصادقة على القوانين وهي مهمتنا الأولى ونتشارك المبادرة فيها مع الحكومة، أما الرقابة على العمل الحكومي وعلى التنفيذ الصارم للقوانين المعمول بها والتسيير الرشيد لمواردنا الوطنية فأدعوكم لإعطاء دفع لمزاولة البرلمان لمهمته هذه طبقا للنظم والمساطر، خاصة أن فخامة رئيس الجمهورية ظل يحترم سلطة الجمعية الوطنية ويوجه الحكومة بالتعاطي الايجابي معها.
السادة والسيدات النواب الموقرين،
إن الشعب الموريتاني انتدبنا لتمثيله في هذه الغرفة، ويجب على كل واحد منا أن يكون أمينًا مع هذا الانتداب، فالشعب يتوق إلى أن تطرح مطالبه وتناقش همومه وتحمل تطلعاته، إذ يشكل البرلمان المنبر الطبيعي والجامع والمحاط بالحصانة والامتيازات اللازمة لنقاش القضايا الوطنية الكبرى ولنشر آراء الطيف السياسي لإيصال الرأي والرأي الآخر للشعب الذي هو مصدر السلطة، وعندها تتعزز منظومتنا الديمقراطية المبنية على مبدأ تحكيم الشعب في المنافسة السياسية من خلال الاقتراع، ولن يتم ذلك إلا في جو يطبعه الانفتاح وتسوده السكينة والوقار، حيث يجب على كل واحد منا التمسك بهذه السمات واحترام نظام الجمعية الوطنية المعمول به.
إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنيبُ”. صدق الله العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.