“بسم الله الرحمن الرحيم
سيدي الرئيس،
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
أصحاب المعالي،
أيها السادة والسيدات،
يطيب لي بداية أن أهنئ أخي صاحب الفخامة السيد عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة، على استضافة بلاده في مدينة شرم الشيخ الرائعة، للقمة السابعة والعشرين للأطراف في الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة حول التغير المناخي، وعلى ما اتسم به تنظيمها من فائق الإحكام، شاكرا له وللحكومة والشعب المصريين حسن الاستقبال وكرم الضيافة. كما أود أن أعبر عن تقديرنا لمعالي الأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو غوتيريش، وسائر معاونيه، للجهود التي يبذلونها في تحفيز وتنسيق الجهود الدولية في سبيل مواجهة مختلف التحديات البيئية.
أيها السادة والسيدات،
لم نعد اليوم بحاجة كبيرة إلى بسط الكلام في تشخيص الوضع البيئي الكارثي لكوكبنا، وانعكاساته الهدامة على المستويات الاجتماعية والاقتصادية، وما يشكله من خطر دائم على مستقبل الكوكب والحياة البشرية عموما، فهذه الأمور بادية للعيان، محسوسة في مختلف نواحي الحياة، ولذا، وإنما الأمر المهم اليوم والاستعجالي بالدرجة القصوى هو اتخاذ كافة التدابير الضرورية في وقف هذا التدهور البيئي، بالتزامن مع انعكاساته السلبية المتعددة الأبعاد، ومن أهم الاستراتيجيات المتفق عليها اليوم للتصدي للتدهور البيئي هي بناء مسارات تنموية تكون أقل اعتمادا على الكربون بالتوجه تدريجيا نحو الطاقات النظيفة والبديلة ليتأتى بنا تحقيق انتقال بيئي مستدام.
صحيح أن ميزان العبء البيئي بيّن الاختلاف، ففي الوقت الذي تساهم فيه البلدان النامية بنسب ضئيلة في الانبعاثات ذات الدخل في الاحتباس الحراري، فإنها المتضرر بأعلى النسب بما ينشأ عن هذا الاحتباس من تغير مناخي، وعلى الرغم من ذلك فإنها تبذل جهودا جبارة في التقليل من هذه الانبعاثات ومواجهة الانعكاسات السلبية للتغير المناخي.
وفي هذا السياق فإننا في الجمهورية الإسلامية الموريتانية مصممون كما هو واضح من عرضنا لمساهمتنا الوطنية المحددة والمراجعة خلال قمة غلاسغو، على خفض الانبعاثات الكربونية بنسبة 11%، ورفع نسبة الطاقات المتجددة في إجمالي استهلاكنا الطاقوي إلى 50% في أفق 2030، وستتعزز جهودنا في هذا المجال ببرنامج واسع لتطوير الهيدروجين الأخضر هو الآن قيد الإطلاق، فبفضل هذه الشعبة الجديدة ستوفر بلادنا مصدرا بديلا ومستديما للطاقة النظيفة، ونظرا للقيمة البيئة العالية لهذا المشروع فإننا ندعو كافة الشركاء الفنيين والماليين إلى الإسهام في تنفيذه.
وعلاوة على جهودها في ترقية الطاقات النظيفة التي تغطي اليوم نسبة 40% من مجموع الطاقات المستخدمة، فإن بلادنا مستمرة في مكافحة التصحر في إطار مبادرة السور الأخضر الكبير واللجنة المشتركة لمكافحة آثار الجفاف في منطقة الساحل.
وبهذه المناسبة أدعو إلى المزيد من الدعم للجان المناخ الافريقية، لما لها من اسهام في تحقيق أجندة 2063، إذ يعقد على هذه اللجان، وخاصة لجنة منطقة الساحل وصندوقها للمناخ، أمل كبير في تيسير التكيف مع آثار التغيرات المناخية.
وبالتزامن مع ما تقدم، فإن بلادنا تبذل جهودا جبارة في دعم قدرة مواطنيها على الصمود في وجه الآثار السلبية للتغير المناخي بمكافحة الفقر والهشاشة وترقية القطاع الريفي وتحسين الولوج إلى الخدمات الأساسية وغيرها.
أيها السادة والسيدات
إن التراخي في مواجهة مع ما يشهده العالم من تحديات بيئية جسيمة سيكون باهظ الثمن حالا ومآلا، وإنها لمسؤوليتنا جميعا أن ننخرط في ديناميكية جديدة تتضافر فيها الجهود الفردية والجماعية في سبيل تحقيق الانتقال البيئي المنشود، ويؤازر فيها بعضنا البعض في مواجهة الآثار الاجتماعية والاقتصادية القاسية الناشئة عن التغير المناخي.
وإنني إذ أجدد الدعوة لكافة الشركاء في زيادة الدعم لدول النامية، وتسهيل النفاذ التمويلات بعد إقرارها، لأرجو لأعمال قمتنا هذه كل النجاح والتوفيق، مهنئا أشقاءنا في دولة الإمارات العربية المتحدة على استضافتهم للنسخة 28 من هذه القمة.
أشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.