صادقت الجمعية الوطنية، خلال جلسة علنية عقدتها اليوم الثلاثاء، برئاسة النائب الأول لرئيس الجمعية السيد أحمدي ولد حمادي، على مشروع قانون المالية المعدل لميزانية الدولة لسنة 2022.
ويهدف تعديل قانون المالية الأصلي لسنة 2022، علاوة على أخذ الظرفية الوطنية والدولية بعين الاعتبار، إلى دعم أسعار المحروقات واحتواء آثار زيادة أسعار المواد الغذائية الأساسية والبرامج الاجتماعية وتعزيز الوسائل الأمنية.
وتبلغ موارد ميزانية الدولة في قانون المالية المعدل لسنة 2022 (90.437.395.405) أوقية، كما تبلغ نفقات ميزانية الدولة في نفس قانون المالية (108.142.161.346) أوقية.
وتتوازن إيرادات ونفقات مشروع قانون المالية المعدل لسنة 2022 بما في ذلك التمويل الخارجي عند مبلغ 108.142.161.346 أوقية مقابل 88.500.000.000 أوقية متوقعة في قانون المالية الأصلي لسنة 2022.
وسيصل عجز الميزانية إلى 17,7 مليار أوقية، أي بنسبة 5,3% من الناتج المحلي الخام، وبزيادة قدرها 4,2 مليار أوقية مقارنة بقانون المالية الأصلي، وسيتم تمويل هذا العجز من الموارد الخاصة للدولة والقروض المتعاقد عليها سلفا دون تأثير جديد على مستوى مديونية الدولة.
ويأتي مشروع قانون المالية المعدل لسنة 2022 في سياق دولي يطبعه ارتفاع أسعار المحروقات والمواد الغذائية وزيادة التضخم والضغط على ميزانيات معظم البلدان واستمرار تأثيرات وباء كوفيد-19.
وسيتسارع نمو الاقتصاد الوطني ليصل 4,5% مقابل 4,2% كانت متوقعة في قانون المالية الأصلي لسنة 2022.
وستزيد إيرادات الميزانية العامة للدولة (باستثناء الحسابات الخاصة) بما مقداره 15,29 مليار أوقية، موزعة على الإيرادات الضريبية التي ستزيد بمبلغ قدره 5,24 مليار أوقية أي بنسبة 10,63% مقارنة بقانون المالية الأصلي؛ والإيرادات غير الضريبية (باستثناء المحروقات) التي سترتفع بما يصل إلى 9,24 مليار أوقية بنسبة 52,7 مقارنة بقانون المالية الأصلي لسنة 2022، وعائدات النفط (عربون التوقيع وغرامة الدولة) التي سترتفع ب 0,81 مليار أوقية.
وشكر معالي وزير المالية، السيد إسلمو ولد محمد امبادي، في مداخلته خلال الجلسة، السادة النواب على الأهمية الكبيرة التي يولونها للحكامة، وعلى اهتمامهم بالظروف المعيشية للمواطنين.
وأوضح أنه تم خفض نفقات التسيير القابلة للتخفيض بنسبة 5% أي بحوالي 0,58 مليار أوقية، مبرزا أنه تم تنقيح اعتمادات الميزانية مما أدى إلى تحقيق هوامش قدرها 0,58 مليار أوقية بفضل إلغاء التمديدات الممنوحة خلال عام 2021 والتي تم تجديدها تلقائيا في ميزانية 2022 بمبلغ 0,15 مليار أوقية.
وأضاف أنه تم إلغاء بعض التكرارات والاعتمادات المخصصة لشراء السيارات بمبلغ 0,147 مليار أوقية، وتحقيق هوامش قدرها 0,29 مليار أوقية من مخصصات اللوازم والمعدات المكتبية.
وأشار إلى انخفاض الفائدة على الديون بمقدار 0,66 مليار أوقية بعد مراجعة هذه التوقعات، بالإضافة إلى تحقيق هوامش أخرى متنوعة (إغلاق مشروع، اعتمادات أخرى مخصصة لبعض الأنشطة التي لم يعد إنجازها ممكنا هذا العام) بمبلغ 0,15 مليار أوقية.
وقال إنه تم إدخار حوالي 2,1 مليار أوقية من نفقات الاستثمار، مبرزا في نفس السياق أنه تم دعم المحروقات ب 13,2 مليار أوقية، ودعم الموارد الأساسية ب 4,16 مليار أوقية، والمصاريف الأمنية ب 1,55 مليار أوقية.
وفيما يتعلق بالوضعية الاقتصادية، اعتبر معالي وزير المالية أنه قد تم ضبطها بشكل مرضي، وأن المؤشرات إيجابية في المجمل، وقد تم تقليص نسب من نفقات تسيير كافة القطاعات القابلة للنقص، وذلك بغية الحد من الآثار الناجمة عن الأزمة الراهنة على حياة المواطنين.
وبخصوص أسعار المحروقات، أكد معالي الوزير أن الدولة دأبت على دعم المحروقات، وبلغة الأرقام فإن سعر اللتر الواحد من المازوت يصل إلى 710 أواق قديمة، في حين يباع لدى المحطات ب 384 أوقية قديمة، وكانت الدولة تتكفل على الدوام بالفارق، وهو أمر غير قابل للاستمرار، ومن هنا جاءت زيادة 115 أوقية قديمة لكل لتر من المازوت، و130 أوقية للتر البنزين، ومازالت الدولة تتحمل ثلثي مبلغ الدعم.
وأضاف أن غلافا ماليا معتبرا خصص للمشاريع الاجتماعية لصالح الفئات الهشة، إذ تم توجيه 9.905.858.254 أوقية لهذا الغرض، وستساعد دكاكين التموين والتحويلات النقدية المواطنين في حياتهم اليومية، وستمكن من التخفيف وبشكل كبير من آثار هذه الأزمة.
وقال إن تمويل العجز الملاحظ في مشروع قانون المالية المعدل لسنة 2022 سيتم عن طريق الموارد الذاتية، ولن تترتب عليه ديون إضافية.
وبين معالي الوزير أن العالم يمر اليوم بأزمة كبيرة ومتعددة التداعيات، تتمثل في زيادة أسعار المحروقات نتيجة للحرب الروسية الأوكرانية، ونعمل على وضع سياسات للتخفيف من تداعيات هذه الأزمة على المواطنين، وخاصة الطبقات الهشة.
وأوضح أن خفض الدعم الموجه للمنتجات البترولية سيخصص لدعم البرامج الاجتماعية، وخاصة المواد الغذائية الأساسية لدعم القدرة الشرائية للمواطنين، لاسيما أصحاب الدخل المحدود.
وقال معالي الوزير إن البرامج الاجتماعية يستفيد منها ثلث الشعب الموريتاني، وتشمل التحويلات النقدية والتوزيعات المجانية وبيع المواد الغذائية بأسعار مدعومة في حوانيت التموين.
وبين السادة النواب، خلال مداخلاتهم، أن مشروع قانون الميزانية المعدل لسنة 2022 جاء في ظرفية زمنية تتسم بالعديد من التعقيدات، أبرزها تداعيات وباء كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية.
وطالب السادة النواب، الحكومة باتخاذ إجراءات عملية للحد من آثار ارتفاع المحروقات التي تطال مجمل جوانب الحياة المعيشية للمواطنين.
وأكدوا على ضرورة مواصلة دعم المحروقات والمواد الأساسية وزيادة كتلة الأجور ودعم القدرة الشرائية من أجل التخفيف من تداعيات الأزمة التي أرقت كاهل المواطنين، وخاصة أصحاب الدخل المحدود.
وحثوا على مراقبة أسعار النقل التي شهدت زيادة كبيرة، مطالبين بالوقوف ضد جميع أنواع المضاربات لحماية المواطن البسيط.
وأكد السادة النواب على أهمية مشاركة وتوجيه جميع المواطنين إلى الزراعة من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الغذاء.
وشددوا على ضرورة مراجعة وترقية السياسة الاجتماعية، خصوصا موضوع التحويلات النقدية، وإعطاء الأولوية للتشغيل والنشاطات المدرة للدخل، ومنح الاستثمار أهمية أكبر في ميزانيات الدولة مستقبلا.
وجدد السادة النواب التأكيد على أهمية محاربة الفساد وتفعيل آليات الرقابة والتفتيش حتى يتم صرف هذه الميزانيات فيما رصدت له بالشكل المطلوب.