إيدوبيسات "الأنصار".. مدرسة الإيمان وحصن الحكمة

ثلاثاء, 08/07/2025 - 22:02

في مسار الأمم العظيمة، لا تبرز القبائل بالأعداد فقط، بل بما تتركه من أثر، وبما تسهم به من علم، وإيمان، وحضارة. ومن بين تلك القبائل التي تركت بصمة خالدة في ضمير هذه الأمة، تبرز قبيلة إيدوبيسات "الأنصار"، كأحد أعمدة الهوية الدينية والثقافية والاجتماعية، وكمدرسة متكاملة في القرآن، والحكمة، والتجارة، والتسامح.

 

هذه القبيلة، التي توارثت حب القرآن وحفظه أبًا عن جد، لطالما كانت منارة للعلم وحصنًا للمعرفة، يخرج من بيوتها الحفّاظ والقراء، الذين يُزيّنون المحاريب في المساجد، ويُنيرون الطرقات بآيات من كتاب الله، يُتلى آناء الليل وأطراف النهار، بصوت خاشع ولسان عربي مبين.

 

وما من مدينة أو قرية في موريتانيا، ولا في بلدان المشرق وغرب إفريقيا، إلا وتجد فيها أثرًا من آثارهم: إمامًا يقرأ القرآن بصوت ندِيّ، أو معلمًا يُخرج جيلًا جديدًا من الحفّاظ، أو تاجرًا يضرب المثل في الأمانة والإتقان.

 

فهم لم يُعرفوا فقط بالعلم والقرآن، بل تميزوا أيضًا بفطنتهم في التجارة ومهارتهم في تحويل الركود إلى انتعاش. قصصهم في الأسواق، ونجاحاتهم في المعاملات، تُروى جيلاً بعد جيل، فهم أصحاب اليد التي تعمل بصدق، والعقل الذي يخطط بحكمة، والقلب الذي ينبض بالمسؤولية.

 

أما الحكمة، فهي سمتهم الراسخة، فلا يُذكر الرأي الرشيد إلا وكان لهم فيه نصيب. يُعرفون بحُسن التدبير، وبالقدرة على حل النزاعات بالكلمة الطيبة، والموقف المتوازن، والعقل الناضج. فمجالسهم مشهودة، وكلماتهم مسموعة، ومواقفهم محل تقدير في كل محفل.

 

هم منفتحون على العالم من حولهم، يقبلون الحوار، ويُشجّعون المبادرات، ويسعون إلى تطوير مهارات أبنائهم في شتى المجالات، مؤمنين بأن العلم والعمل لا يتعارضان مع الإيمان، بل يُكمل بعضهما بعضًا.

 

ولذلك، فإن إيدوبيسات الأنصار ليست مجرد قبيلة، بل مدرسةٌ في الإيمان، وحِجرٌ في الإتقان، وجامعة في الحكمة والتربية. أبناءها رجالٌ ونساءٌ حملوا رسالة الدين والعلم والتجارة على أكتافهم، وأدّوها بأمانة وإخلاص.

 

فلهم منّا كل تقديرٍ وإكبار، لأنهم أعلام الخير والجمال، وركائز في صرح الأمة، وسفراء للقيم النبيلة حيثما حلوا وارتحلوا.

 

الإعلامي/ ملاي عمار ملاي إدريس